برلين في ٣٠ يونيو ٢٠٢٤
تدين مؤسسة “دعم القانون والديمقراطية” حكم محكمة جنايات أمن الدولة العليا (طوارئ) بالسجن ثلاث سنوات على الناشط السياسي محمود محمد أحمد حسين، البالغ من العمر 26 عاماً. أعادت قوات الأمن ووحدة تنفيذ الأحكام اعتقال محمود، المعروف باسم معتقل التيشيرت، من داخل قاعة المحكمة، تمهيداً لحبسه بقية مدة الحكم (شهرين)، إثر إعادة إجراءات محاكمته على ذمة القضية رقم 37883 لسنة 2017. قضى محمود عامين و10 أشهر محبوساً احتياطياً على ذمة القضية، وبذلك يتبقى له شهران من مدة السجن.
وفي 23 إبريل الماضي، أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة قراراً بإخلاء سبيل معتقل التيشيرت بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه على ذمة المحاكمة. ورغم سداد الأسرة الكفالة في 24 إبريل، إلا أن وزارة الداخلية احتجزته بدون وجه حق ولم تنفذ قرار إخلاء السبيل.
وفي 20 مايو الماضي، حاول محامي معتقل التيشيرت زيارته في قسم شرطة الخانكة بمحافظة القليوبية، إلا أن مأمور القسم نفى وجوده لديه. وبعد 33 يوماً من الاحتجاز بدون وجه حق، وعدم تنفيذ قرار المحكمة بإخلاء السبيل، فوجئ محاموه والأسرة بتنفيذ قرار إخلاء سبيله.
وترجع وقائع القبض على محمود إلى 30 أغسطس 2023، حين قبض عليه من أحد الأكمنة الأمنية بمحافظة الجيزة، تنفيذاً للحكم الغيابي الصادر بحقه بتاريخ 26 فبراير 2018 من محكمة جنايات أمن الدولة بالسجن المؤبد بتهمة حيازة مواد مفرقعة. وتعرض للإخفاء القسري لمدة خمسة أيام، احتجزته خلالها في مقرات مختلفة تابعة لقطاع الأمن الوطني. وخلال هذه الفترة، تم استجوابه وهو معصوب العينين دون حضور محامٍ.
ويعاني محمود من تدهور شديد لحالته الصحية، وذلك من آثار عملية جراحية أجريت له داخل محبسه بسجن بدر، بالإضافة إلى أنه يعاني من صعوبة في الحركة نتيجة عمليتين تستلزمان الراحة التامة، أجريتا له عام 2016 أثناء فترة احتجازه الأولى.
واُعتقل محمود للمرة الأولى في يناير 2014، على خلفية تظاهرات سلمية أقيمت لإحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، لارتدائه قميصاً عليه عبارة “وطن بلا تعذيب”، ووشاحاً يحمل شعار “ثورة 25 يناير”. وكان عمره يبلغ وقتها 16 عاماً وتعرض خلال فترة اعتقاله وإخفائه القسري لتعذيب ممنهج على يد عناصر من جهاز الأمن الوطني، مثل الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية في يديه وظهره وخصيتيه لإجباره على التوقيع على اعتراف، وأمضى بعد ذلك عامين رهن الحبس الاحتياطي التعسفي قبل الإفراج عنه بكفالة مالية في 2016.
واعتبر كريم عبدالراضي، المدير التنفيذي لمؤسسة دعم القانون والديمقراطية: “إن الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة طوارئ الاستثنائية – التي لطالما أكدنا على وجوب وقف كافة القضايا التي تنظرها وإحالتها للقضاء الطبيعي – هو حلقة جديدة في مسلسل طويل ومستمر من التنكيل به على خلفية تعبيره السلمي عن رأيه، وهو ما يكشف رغبة جامحة وممنهجة من قبل السلطات المصرية ليس فقط محاسبة النشطاء على آرائهم، ولكن أيضًا للانتقام منهم وجعلهم مثالاً ترسل من خلاله السلطات رسائل لكل أصحاب الرأي والنشطاء أنها لن تتسامح مطلقاً مع إعلان آراء ناقدة”. وأضاف عبدالراضي أنه وبرغم اقتراب المراجعة الدورية الشاملة لمصر، إلا أن السلطات لازالت مصرة على التملص من التزاماتها الدولية ومحاصرة الحريات العامة في مصر، بما في ذلك الحق في الرأي والتعبير المكفول بموجب نصوص الدستور المصري والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، كما إنها مُصرة على استخدام المحاكمات الاستثنائية كسيف تسلطه على رقاب المطالبين بالديمقراطية، وكان الأجدر بها أن تحاسب المتهمين في جرائم التعذيب بدلاً من أن تمعن في الانتقام من طفل لسنوات لمجرد ارتدائه تيشيرت كتب عليه “وطن بلا تعذيب”.
وترى مؤسسة “دعم القانون والديمقراطية” أنه ينبغي على الرئيس المصري استخدام الصلاحيات الممنوحة له بموجب نص المادة 55 من الدستور المصري والعفو عن باقي العقوبة المحكوم بها على الناشط السياسي محمود محمد أحمد حسين، وإطلاق السراح الفوري وغير المشروط.