
دعم القانون والديمقراطية تدين حذف بيان لشيخ الأزهر وإيقاف برامج لميس الحديدي وخيري رمضان واعتقال شاب رفع لافتة
أدانت مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، اليوم، تصاعد وتيرة القيود المنهجية الشديدة التي تفرضها السلطات المصرية على حرية التعبير والحريات الإعلامية، وتوسعها لتشمل شيخ الأزهر، الذي يجب أن يمارس أعماله بشكل مستقل، وإعلاميين وقنوات تُدار بواسطة الشركة المتحدة التي تسيطر على صناعة الإعلام في مصر، وترتبط بعلاقات غير معلنة بأجهزة الدولة المصرية.
وكانت الصفحة الرسمية للأزهر الشريف على فيسبوك قد نشرت، يوم أمس الثلاثاء ٢٢ يوليو ٢٠٢٥، بيانًا لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، يدين فيه بشدة الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، ويطالب بتحرك عاجل لإنقاذ أهالي القطاع من المجاعة، قبل أن يُحذف البيان بشكل غامض بعد دقائق من نشره، في ظل تأكيدات من مصادر مختلفة أن حذفه جاء بعد ضغوط سياسية من قبل جهات سيادية في الدولة.
ويُعد الأزهر الشريف، وفقًا للدستور المصري، أعلى مؤسسة دينية رسمية في مصر، ويجب أن يمارس دوره باستقلالية دون تدخل، إلا أن النظام المصري – خصوصًا في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي – يحاول باستمرار السيطرة على الأزهر وإخضاعه. ورغم فشل محاولته في تعديل الدستور للحد من صلاحيات واستقلالية شيخ الأزهر، إلا أن نظامه لا يزال يحاصر المؤسسة بضغوط أمنية وسياسية تهدف إلى التحكم في مواقفها وآرائها المُعلنة.
وفي يوم ١٦ يوليو ٢٠٢٥، أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي يصفها مراقبون بإحدى أدوات الدولة للسيطرة على الإعلام، بشكل مفاجئ، عن إنهاء التعاقد مع الإعلامية المعروفة بدعمها للنظام المصري، لميس الحديدي، والتي تقدم برنامج “كلمة أخيرة” على قناة أون، دون توضيح أي أسباب لذلك القرار.
إلا أن القرار قد جاء بعد مطالبة لميس، في حلقة برنامجها التي عُرضت في يوم ٢٨ يونيو الماضي، بمحاسبة المسؤولين عن حوادث الطريق الدائري الإقليمي علنًا، وذلك في تغطيتها لحادثة الطريق التي راح ضحيتها ١٨ فتاة يعملن في جمع العنب.
وفي سياق متصل، توقّف برنامج الإعلامي المعروف أيضًا بدعمه للسلطات، خيري رمضان، بشكل مفاجئ عقب حلقته في يوم ٧ يوليو ٢٠٢٥، والتي استضاف خلالها عددًا من سائقي النقل الثقيل ينتقدون البنية التحتية للطرق، على خلفية حوادث الطرق الأخيرة التي ترفض السلطات في مصر الاعتراف بمسؤوليتها عنها، في حلقة لم تستمر حتى نهايتها قبل أن يُفرض عليها فاصل إجباري، وتنتهي بعدها بلا تفسير.
وكانت منظمات حقوقية قد طالبت، في بيان نُشر في وقت سابق، بإقالة وزير النقل ذو الخلفية العسكرية، كامل الوزير، ومحاسبة المسؤولين عن حوادث الطرق المأساوية التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة.
وعلى صعيد آخر، قامت أجهزة الأمن المصرية، في يوم ٢٠ يوليو ٢٠٢٥، بإلقاء القبض على الشاب مؤمن حسني من منطقة وسط القاهرة، على خلفية رفعه لافتة كتب عليها “يسقط حكم العسكر”، ولا يزال محتجزًا حتى صدور هذا البيان.
ومنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة بشكل رسمي في عام ٢٠١٤، يقبع عشرات الصحفيين وآلاف النشطاء وأصحاب الرأي خلف القضبان، بعضهم منذ سنوات، على خلفية التعبير السلمي المشروع عن الرأي. كما لا تزال أكثر من ٥٠٠ وسيلة إعلامية ومواقع مستقلة ومواقع لمنظمات حقوقية محجوبة في مصر، في إطار منهجية تتبعها السلطات لإسكات الأصوات.
وقال كريم عبد الراضي، المدير التنفيذي لمؤسسة دعم القانون والديمقراطية: “إن السلطات المصرية، بعد أن فرضت قبضتها الأمنية شديدة القسوة على وسائل الإعلام التقليدية، واستخدمت منهجية الحجب للسيطرة على مساحات التعبير عبر شبكة الإنترنت، بالتزامن مع شن حملات تستهدف استقلالية منظمات المجتمع المدني المستقلة والمدافعين عن حقوق الإنسان، وصادرت حرية التظاهر السلمي بتحقيقات ومحاكمات صورية بموجب قانون التظاهر، تُبرهن الآن على رغبتها الجامحة في إغلاق المناخ العام في وجه الجميع، حتى وسائل الإعلام التابعة لها، والمؤسسات الرسمية، لمجرد نشر آراء مختلفة لتلك التي يتبناها النظام، حتى وإن لم تكن تحمل انتقادًا مباشرًا لسياسته، في رسالة واضحة أن مصر في ظل النظام الحالي لا تتسع إلا لصوت واحد فقط”.
وأضاف عبد الراضي: “إن السلطات المصرية، والرئيس ذو الخلفية العسكرية عبد الفتاح السيسي، يرفضون باستمرار الاستجابة لمطالب المجتمع المدني وبعض المجموعات السياسية بالتوقف عن استخدام الحلول الأمنية في مواجهة التعبير عن الرأي، لما يشكله ذلك من خطر كبير على المسارات السياسية في البلاد، ويمنح الفرص للتيارات العنيفة والمتطرفة لأن تطرح نفسها كبديل، في ظل غياب أي منافذ ومسارات سلمية للتعبير عن الرأي، مما يُعمّق من أزمة عدم الإحساس بالعدالة وسيادة القانون في مصر”.
وتؤكد مؤسسة دعم القانون والديمقراطية أنه يتوجب على السلطات المصرية، التي تُعلن باستمرار أنها في حرب مفتوحة مع الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وتوظف ذلك سياسيًا لمحاصرة الحريات العامة في البلاد، أن تعي وتستوعب أن الحلول الأمنية وحدها لن تكون قادرة على تحقيق رغباتها على المدى البعيد، وأن تُطلق هامشًا للتعبير السلمي عن الرأي، بإطلاق سراح السجناء، وتمكين المنظمات المستقلة ووسائل الإعلام من العمل بقدر أكبر من الحرية، ووقف استهداف الأصوات المختلفة معها.